أرشيف

المخاطر تهدد الوطن والسلطة تمارس غرورها..!

يصادف غداً الثلاثاء السابع من يوليو ذكرى ما تسميه السلطة "دخول قوات الشرعية عدن".

والذي أعتبرته (يوماً وطنياً) نحتفل به وبأجازة رسمية لسنوات تستعرض فيه اسلحتها وانتصاراتها على جزء من شعبها إعلامياً.

وبين 7/7/1994م و 7/7/2009م مسافة زمنية، وبعد مكاني بخطوط طول وعرض جغرافي وإنساني..

فأي محلل سياسي أو راصد يستطيع تقييم الوضع اليمني بعد 14عاماً نم إخراج شريك الوحدة الحزب الإشتراكي اليمني من السلطة عام 1994م.

، بالقوة، وممارسة أقسى درجات الإنتقام ضده وهو ما يصنعه بعض المحللين بخبث أنه ردة فعل وإنتقام لحربي 72، 79 بين الشطرين وقوة الجنوب التي كادت سقط نظام صنعاء حينها.

المهم حين جرت حرب 1994م وهزم فيها الإشتراكي لم يكن الجو  والتوتر النفسي والشعور  بالغبن والقهر والإضطهاد بهذا الشكل، بالرغم أن أبناء المحافظات الجنوبية أنتخبوا عام 1993م الحزب الإشتراكي واحتل كل الدوائر ..

غير أنه فبمجرد إنهاء الحرب لم تكن النقمة بهذا الحد الخطير الآن.. فقد كان المواطنون أكثر وحدوية، وجنبوا الوطن حرباً أهلية طويلة، لو كانوا  أرادوا.

غير أن (فيد الحرب) التي بدأت بأسلحة الجيش الجنوبي الى مستودعات شركات ومؤسسات القطاع العام وسرقتها جهاراً نهارا وإمتداد ذلك حتى إلى مختبرات المدارس وسبوراتها، ثم البسط على الأراضي والإستقواء على المواطنين بالأطقم العسكرية التي لم تكن تعرف في المحافظات الجنوبية، والبسط وسرقة على ما يقارب 130منشأة صناعية وتجارية، ومزارع الدولة كاملة ، وورشها وإمكانياتها، قد خلق حالة من الغضب الشعبي لدء أبناء تلك المحافظات.

ناهيكم عن عمليات سياسية (خليك بالبيت) لمنتسبي الجيش والشرطة والأمن والقيادات المدنية، التي استهدفت في حياتها المعيشية، وحقوقها القانونية المكتسبة.

بالإضافة إلى العبث بالثروات الوطنية، إبتداء بالنفط ومربعاته والمقاولات والأسماك والزراعة، حتى غدت بعض المحافظات صنيعات لكبار المسئولين كمحافظة أبين فيما توزع مربعات النفظ على نافذين ، ويستثنى الجنوبيون من مجالات الاستملاك للإستثمار والمقاولات، كجزء من ممارسة الدولة للفساد يشكيه الصغير والكبير..

كل ذلك عمق المأساة والشعور بالغبن ، وعدم الإعتراف بالحقوق.

فحين بدأ قبل ثلاثة أعوام تجمع للضباط في ميدان السبعين يوماً مطالبين بحقوقهم المكتسبة، وصُفوا بأقذع العبارات والمسميات والأوصاف غير الوطنية.

وحين بدأت حركة الإحتجاج في الضالع، ووجهوا بالاستخفاف والهجوم بالإنفصالية وأنهم مجرد مرتزقة بأجندة خارجية، بعد مهاجمة جمعية ردفان لأنها عقدت اجتماعاً للتصالح والتسامح، وكان النظام ضد التصالح والتسامح في الوطن.

وحين تطورت المطالب من حقوقية إلى سياسية، زاد جنون السلطة بالإتهامات، حتى وصلنا إلى ما نحن عليه من وضع خطير جداً ينذر بمواجهات قد تتجاوز الأساليب السلمية، في ظل عدم إعتراف السلطة بأن هناك قضية جنوبية.

إن المخاطر المحدقة بالوطن عشية 7/7/2009م تبدوا أكثر خطورة، فالمواطن الذي يشعر بالغبن وعدم إشراكه في السلطة والثروة، تجعله يرفع شعارات أكثر تجاوزاً لما كان يعرف عنه قبل ثلاث سنوات، فالمطالبة بتقرير حق المصير، أو ما يسمى بالإستقلال هي ردات فعل على تنكر السلطة للإعتراف بحقوق المواطنة المتساوية وتنفيذ الحكم المحلي (كامل) الصلاحية غير الصوري والذي تعد قراراته وتوصياته في صنعاء لتعقد المؤتمرات وكأنها تحصيل حاصل.

كما أن لعب السلطة بورقة (جديدة-قديمة) بأنشاء لجان ما تسمى بالدفاع عن الوحدة، وتمويلها وتسليمها أمر جنوني تريد السلطة من وراءه ممارسة طريقتها (فرق تسد)، غير أن المشهد يبدوا أشد خطورة وقتامة.

ولا يفيد معه استخدام القوة، التي لا تعيد للنفوس بهاء وحدتها وألقها الذي تبرئ في 22مايو 1990م ففي 7/7/2009م يمثل الخط البياني إنحداراً كبيراً لدى المواطن ضد السلطة، ويتحول ضد الوحدة، التي لم تكن هي السبب فيما وصلنا إليه ، ولكن ممارسات السلطة التي أرادت إضافة أراضي فوق أرضٍ وممارسة الفيد بكل أنواعه، وتنكرها لكل الإتفاقيات وما وقعته عشية إنهاء حرب 1994م، بما فيها قراراي مجلسي الأمن الدولي.

وإذا كان الحريصون على اليمن ووحدته يقدمون النصائح من الداخل سواء من المعارضة، وحتى بعض رجالات السلطة أو الشخصيات ذات الوزن الإجتماعي والوطني فأنهم رأس السلطة -كما عبرت- تلك الشخصيات لم يعد يسمع أي رأي أو نصح، وهو الأمر الذي يراه أولئك أن هناك شبه دستور غيرمكتوب هو الذي يحكم النظام، والذي يريد الوصول إلى توريث الحكم بأي شكل من الأشكال، رامياً جنب الحائط بكل المخاطر التي تواجه اليمن من (صعدة حتى الجنوب).. ناهيكم عن الوضع الإقتصادي المتدهور، وتراجع إنتاج النفط ، وضياعه وتأجير ميناء عدن بأبخس الأثمان على شركة أنشأت بين لحظة وضحاها هروباً من مجلس النواب الذي كان قد بدأ الإمساك برأس الخيط بعد فضحه قطاع 153 النفطي بفضل عدد من النواب الشرفاء.

إن الجو النفسي والمزاج الشعبي في المحافظات الجنوبية عشية 7/7/2009م ، الذي تريد السلطة الإحتفاء به لمواجهة مهرجانات الحراك الرافض لسياسة 7/7/1994م وحالات القتل التي حدثت والإعتقالات والإستفزازات لا تدل على أن السلطة تريد حل جذور المشاكل، وإنما تضع لها مهدئات ولو بالمليارات سريعاً ما تنكشف ويذهب مفعولها.

كما أن استخدام القوة، والأساليب الإعلامية الهجومية التي تفصل الجلد عن الجسد بالتهم (بالإنفصالية والإرتزاق وقطاع الطرق) لن تزيد الأوضاع إلا تدهوراً وإحتقاناً، بالإضافة إلى إغلاق الصحف وفي مقدمتها صحيفة (الأيام) وتغيير حتى إسم (قناة عدن) إلأى (اليمانية).

وهي أمور تجعل الشعور لدى المواطن هناك بأنه مستهدف في حقوقه وتاريخه حتى مددنه كعدن، وسرقة متاحفه التاريخية كسرقة متحف عدن، مؤخراً وإحالة المتاحف والنصب التذكارية به لثوار وشهداء ثورة 14أكتوبر إلى مخابز للكدم، كما هو في ردفان البطلة حيث أنفجرت الثورة، كما سرقت وهدمت النصب التذكارية للجندي المهول في عدن ولم تعد فيما أعيد نصب الملكة (ليزابيت) ملكة بريطانيا التي أحتلت الشطر الجنوبي 139عاماً وحررها الشعب بثورة 14 أكتوبر المجيدة.

ألا يستفز ذلك الشعور الوطني، بأنه استهداف يجري ليس للفيد بالإراضي فقط ، ولكن لمحو ماله علاقة بالثورة وثوارها، والذي أمتد حتى لتغيير أسماء المدارس وأسماء الشهداء!

إن الوطن بحاجة إلى إعادة الحسابات سريعاً وترك غرور واستعراض المعسكرات إلى إصلاح الأوضاع ، وإشراك الآخر في السلطة والثروة، ليس كهبة ولكن كحق وضرب الفساد والمفسدين والإ فأن الأوضاع قد تصل إلى تجزئة الوطن إلى أكثر من دويلة وأقليم وهو ما لا يعبره الحاكم أدنى أهتمام، فيما قد تكون هناك طبخات خارجية قد توصل اليمن إلأى التشظي بالإستفادة مما يجري في الداخل، من معاناة وظلم وقهر واستقواء ولا مواطنة متساوية وفقر وإهدار للثروات من قبل الفاسدين الذي لا يحسون.

فهل تتبدى الحكمة اليمانية في لحظة، أم أنها غائبة عن الحكام الذين لا يرون في الوطن ووحدته ومستقبله أبعد من كرسييهم، بينما الكرسي كما يقال دواره..

وقديماً قالوا:

"لودامت لغيرك ما وصلت إليك".

إن الوطن في خطر.. فمتى تدرك السلطة الحاكمة ذلك.. أما التغابي فلن يفيد.

إذن: الوضع عشية 7/7/2009م أخطر بآلاف المرات من عشية 7/7/1994م.

فهل من مخرج قبل أن يصل الوطن إلى الهاوية.. جغرافياً وسياسياً، وإقتصادياً واجتماعياً.

زر الذهاب إلى الأعلى